وُلدت في لا سيبا في الهندوراس،‏ وكنت الصبي الاصغر بعد اربع بنات والاصم الوحيد في العائلة.‏ كنا فقراء جدا ونعيش في حي خطر.‏ وزادت احوالنا سوءا عندما مات ابي بسبب حادث في العمل وأنا في الرابعة من عمري تقريبا.‏

 بذلت امي كل جهدها لتعتني بي وبأخواتي،‏ لكنها نادرا ما كسبت مالا كفاية لتشتري لي ثيابا.‏ فلم تكن لدي ثياب تدفئني في البرد والمطر.‏

 تعلَّمتُ لغة الاشارات الهندوراسية في صغري.‏ وهذا ساعدني ان اتواصل مع صم آخرين.‏ لكن امي وأخواتي لم يعرفن هذه اللغة،‏ فكنَّ يستعملن بعض الاشارات منها ويخترعن اشارات اخرى ليتواصلن معي.‏ مع ذلك،‏ تمكنت امي ان تحميني من المخاطر لأنها تحبني كثيرا.‏ فقد استخدمت الاشارات القليلة التي تعرفها لتحذرني من عادات سيئة كالتدخين والادمان على الكحول.‏ وأنا سعيد لأنني لم اصر مدمنا على اي منها.‏

 عندما كنت صغيرا،‏ كانت امي تأخذني الى الكنيسة الكاثوليكية.‏ لكنني لم افهم شيئا لأن لا احد ترجم لي ما يُقال بلغة الاشارات.‏ فكنت اضجر كثيرا وتوقفت عن الذهاب بعمر عشر سنوات.‏ لكنني اردت ان اعرف اكثر عن اللّٰه.‏

 سنة ١٩٩٩،‏ عندما كنت بعمر ٢٣ سنة،‏ التقيت بامرأة من الولايات المتحدة من كنيسة انجيلية.‏ فأعطتني دروسا في الكتاب المقدس وعلَّمتني لغة الاشارات الاميركية.‏ احببت كثيرا ما تعلَّمته عن الكتاب المقدس لدرجة اني قررت ان اصير قسيسا.‏ فانتقلت الى بورتو ريكو لأحضر دروسا في مركز يعلِّم الصم الدين المسيحي.‏ ثم عدت الى لا سيبا سنة ٢٠٠٢ وأسست كنيسة للصم بمساعدة بعض من اصدقائي،‏ ومن بينهم باتريسيا التي تزوجتها لاحقا.‏

 بما انني كنت قسيس الكنيسة،‏ قدمت مواعظ بلغة الاشارات الهندوراسية.‏ كما عرضت صورا لقصص من الكتاب المقدس،‏ ومثَّلت القصص لأساعد الصم ان يفهموها.‏ حتى اني زرت الصم في بلدات مجاورة لأشجعهم وأساعدهم ان يواجهوا مشاكلهم.‏ وقمت ايضا برحلة ارسالية الى الولايات المتحدة وزامبيا.‏ لكنني في الحقيقة لم اكن اعرف الكثير عن الكتاب المقدس.‏ فقد علَّمت فقط ما تعلَّمته وما فهمته من الصور.‏ فكانت لدي اسئلة كثيرة من دون اجوبة.‏

 في احد الايام،‏ ابتدأت ثلاث نساء من كنيستي ينشرن الاكاذيب عني.‏ فقلن انني سكِّير وإنني اخون زوجتي،‏ مما اغضبني وخيَّب املي.‏ وبعد فترة قصيرة،‏ تركنا انا وباتريسيا الكنيسة.‏

 كثيرا ما زارنا شهود يهوه،‏ لكننا لم نستقبلهم.‏ ولكن بعد ان تركنا كنيستنا،‏ وافقت باتريسيا ان تدرس الكتاب المقدس مع زوجَين،‏ وهما توماس وليكسي.‏ وما أعجبني هو انهما كانا يعرفان لغة الاشارات مع انهما ليسا اصمَّين.‏ وبدأت انا ايضا ادرس بعد فترة قصيرة.‏

 درسنا بضعة شهور باستخدام فيديوات بلغة الاشارات الاميركية.‏ ولكن اثنتين من اصدقائنا قالتا لنا ان شهود يهوه يتبعون قادة بشرا.‏ فتوقفنا عن الدرس.‏ ومع ان توماس اراني دليلا يبرهن العكس،‏ لم اصدقه.‏

 بعد اشهر،‏ أُصيبت باتريسيا بكآ‌بة شديدة.‏ فصلَّت الى اللّٰه ان يرسل شهود يهوه اليها ثانية.‏ وبعد فترة قصيرة،‏ زارتها جارتنا التي كانت من شهود يهوه،‏ وعرضت عليها ان تطلب من ليكسي ان تزورها.‏ وقد أظهرت ليكسي انها صديقة حقيقية.‏ فكانت تزور باتريسيا كل اسبوع لتشجعها وتدرس معها الكتاب المقدس.‏ ومع ذلك،‏ لم اثق كاملا بالشهود.‏

 سنة ٢٠١٢،‏ شارك شهود يهوه في حملة خصوصية لعرض فيديو لنشرة هل ترغب في معرفة الحقيقة؟‏ بلغة الاشارات الهندوراسية.‏ فأحضرت لنا ليكسي نسخة منه.‏ وعندما شاهدته،‏ صُدمت عندما عرفت ان عقائد كثيرة كنت اعلِّمها،‏ كنار جهنم وخلود النفس،‏ ليست موجودة في الكتاب المقدس.‏

 في الاسبوع التالي،‏ ذهبت الى قاعة ملكوت شهود يهوه لأتحدث الى توماس.‏ وقلت له انني اريد ان اعلِّم الصم الحق من الكتاب المقدس،‏ ولكن دون ان اكون من شهود يهوه.‏ وكانت فكرتي ان اؤسس كنيسة جديدة للصم.‏ فمدحني توماس على حماستي،‏ ثم اراني الآية في افسس ٤:‏٥ التي تظهر اهمية الوحدة في الجماعة المسيحية.‏

 بعد ذلك،‏ اعطاني الفيديو شهود يهوه:‏ ايمان حيّ وفعّال،‏ الجزء ١:‏ الخروج من الظلمة بلغة الاشارات الاميركية.‏ ويُظهر هذا الفيديو كيف درس بعض الرجال الكتاب المقدس ليفهموا الحقيقة عن عقائد اساسية.‏ وفيما كنت اشاهد الفيديو،‏ فهمت شعور هؤلاء الرجال.‏ فمثلهم،‏ انا كنت ابحث عن الحق.‏ وأقنعني هذا الفيديو ان الشهود يعلِّمون الحق لأن الاساس الوحيد لمعتقداتهم هو الكتاب المقدس.‏ فبدأت ادرس من جديد،‏ وسنة ٢٠١٤،‏ اعتمدنا انا وباتريسيا.‏

 احب شهود يهوه لأنهم يتمثلون باللّٰه ويحاولون ان يكونوا طاهرين مثله.‏ وهذا يظهر بكلامهم وتصرفاتهم.‏ وهم ايضا مسالمون ويشجعون واحدهم الآخر.‏ كما انهم موحدون ويعلِّمون حقائق الكتاب المقدس نفسها مهما كان بلدهم او لغتهم.‏

 لقد فرحت كثيرا بما تعلَّمته من الكتاب المقدس.‏ مثلا،‏ تعلَّمت ان يهوه هو الاله القادر على كل شيء،‏ وهو صاحب السيادة على كل الارض.‏ وهو يحب الصم والذين يقدرون ان يسمعوا ايضا.‏ وأنا اقدِّر كثيرا محبة اللّٰه لي.‏ كما تعلَّمت ان الارض ستصير فردوسا جميلا وأن لدينا الفرصة ان نعيش الى الابد بصحة كاملة.‏ وأنا اتشوق الى مجيء هذا اليوم.‏

 نحب انا وباتريسيا ان نتحدث مع صم آخرين عن الكتاب المقدس.‏ ونحن الآن ندرس مع بعض اعضاء كنيستنا السابقة.‏ ولكن لم تعد لدي تساؤلات حول ما اعلِّمه.‏ فأخيرا،‏ وجدت اجوبة عن اسئلتي لأني درست الكتاب المقدس مع شهود يهوه.‏