الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

اَلْفَصْلُ ٱلتَّاسِعُ

تصرفتْ بفطنة

تصرفتْ بفطنة

١-‏٣ ‏(‏أ)‏ أَيُّ خَطَرٍ دَاهِمٍ كَانَ يُحْدِقُ بِبَيْتِ أَبِيجَايِلَ؟‏ (‏ب)‏ مَاذَا سَنَعْرِفُ عَنْ هٰذِهِ ٱلْمَرْأَةِ ٱلْمُمَيَّزَةِ؟‏

رَأَتْ أَبِيجَايِلُ ٱلذُّعْرَ فِي عَيْنَيِ ٱلْفَتَى.‏ وَكَيْفَ لَا يَكُونُ خَائِفًا مَرْعُوبًا وَثَمَّةَ خَطَرٌ دَاهِمٌ يَلُوحُ فِي ٱلْأُفُقِ؟‏!‏ فَفِي تِلْكَ ٱللَّحْظَةِ بِٱلذَّاتِ،‏ كَانَ حَوَالَيْ ٤٠٠ مُحَارِبٍ يَزْحَفُونَ نَحْوَ بَيْتِ نَابَالَ،‏ زَوْجِ أَبِيجَايِلَ،‏ عَازِمِينَ عَلَى قَتْلِ كُلِّ ٱلذُّكُورِ فِيهِ.‏ وَلٰكِنْ مَا ٱلسَّبَبُ؟‏

٢ إِنَّهُ نَابَالُ.‏ لَقَدْ تَصَرَّفَ بِقَسَاوَةٍ وَوَقَاحَةٍ كَعَادَتِهِ.‏ لٰكِنَّهُ هٰذِهِ ٱلْمَرَّةَ أَهَانَ شَخْصًا غَيْرَ عَادِيٍّ،‏ ٱلْقَائِدَ ٱلْمَحْبُوبَ لِفِرْقَةٍ مِنَ ٱلْمُحَارِبِينَ ٱلْأَوْلِيَاءِ ٱلْبَارِعِينَ فِي ٱلْقِتَالِ.‏ لِذَا ٱسْتَغَاثَ بِأَبِيجَايِلَ عَامِلٌ عِنْدَ نَابَالَ،‏ رُبَّمَا أَحَدُ رُعَاتِهِ،‏ وَاثِقًا أَنَّهَا سَتَجِدُ سَبِيلًا لِإِنْقَاذِهِمْ مِنْ هٰذِهِ ٱلْوَرْطَةِ.‏ وَلٰكِنْ مَاذَا فِي وُسْعِ ٱمْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ أَنْ تَفْعَلَ فِي وَجْهِ مُحَارِبِينَ أَشِدَّاءَ؟‏

مَاذَا فِي وُسْعِ ٱمْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ أَنْ تَفْعَلَ فِي وَجْهِ مُحَارِبِينَ أَشِدَّاءَ؟‏

٣ فِي ٱلْبِدَايَةِ،‏ لِنَتَعَرَّفْ أَكْثَرَ بِهٰذِهِ ٱلْمَرْأَةِ ٱلْمُمَيَّزَةِ.‏ فَمَنْ كَانَتْ أَبِيجَايِلُ؟‏ كَيْفَ طَرَأَتْ تِلْكَ ٱلْمُشْكِلَةُ؟‏ وَمَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ مِثَالِهَا فِي ٱلْإِيمَانِ؟‏

‏«فَطِنَةٌ جِدًّا وَجَمِيلَةُ ٱلصُّورَةِ»‏

٤ أَيَّ رَجُلٍ كَانَ نَابَالُ؟‏

٤ كَانَ نَابَالُ وَأَبِيجَايِلُ عَلَى طَرَفَيْ نَقِيضٍ.‏ فَهُوَ مَا كَانَ لِيَحْظَى بِزَوْجَةٍ أَفْضَلَ مِنْهَا،‏ فِي حِينِ وَجَدَتْ هِيَ نَفْسَهَا مُقْتَرِنَةً بِرَجُلٍ لَا أَسْوَأَ مِنْهُ وَلَا أَفْظَعَ.‏ وَبِمَا أَنَّهُ ثَرِيٌّ،‏ ٱعْتَبَرَ نَفْسَهُ شَخْصًا مُهِمًّا لِلْغَايَةِ.‏ وَلٰكِنْ كَيْفَ نَظَرَ ٱلْآخَرُونَ إِلَيْهِ؟‏ قَلَّمَا نَجِدُ فِي ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ شَخْصِيَّةً نُعِتَتْ بِصِفَاتٍ ٱزْدِرَائِيَّةٍ مَعِيبَةٍ مِثْلَ نَابَالَ.‏ حَتَّى ٱسْمُهُ بِحَدِّ ذَاتِهِ يَعْنِي «غَبِيًّا».‏ وَسَوَاءٌ أَطْلَقَ عَلَيْهِ وَالِدَاهُ هٰذَا ٱلِٱسْمَ عِنْدَ ٱلْوِلَادَةِ أَمْ لُقِّبَ بِهِ فِي وَقْتٍ لَاحِقٍ،‏ فَإِنَّهُ ٱسْمٌ عَلَى مُسَمًّى.‏ فَهٰذَا ٱلرَّجُلُ كَانَ «قَاسِيًا وَسَيِّئَ ٱلْأَعْمَالِ»،‏ وَقَدْ خَافَهُ ٱلْجَمِيعُ وَكَرِهُوهُ لِأَنَّهُ سِكِّيرٌ وَشَرِسُ ٱلطِّبَاعِ.‏ —‏ ١ صم ٢٥:‏​٢،‏ ٣،‏ ١٧،‏ ٢١،‏ ٢٥‏.‏

٥،‏ ٦ ‏(‏أ)‏ أَيَّةُ صِفَاتٍ تَحَلَّتْ بِهَا أَبِيجَايِلُ؟‏ (‏ب)‏ لِمَاذَا رُبَّمَا تَزَوَّجَتْ أَبِيجَايِلُ رَجُلًا لَا خَيْرَ فِيهِ كَنَابَالَ؟‏

٥ أَمَّا أَبِيجَايِلُ فَٱخْتَلَفَتْ كُلَّ ٱلِٱخْتِلَافِ عَنْ زَوْجِهَا.‏ وَٱسْمُهَا يَعْنِي «أَبِي يَفْرَحُ».‏ فَبِشَكْلٍ عَامٍّ،‏ يُسَرُّ ٱلْأَبُ وَيَفْتَخِرُ بِحُسْنِ ٱبْنَتِهِ وَجَمَالِهَا،‏ لٰكِنَّ ٱلْأَبَ ٱلْحَكِيمَ يَكُونُ أَكْثَرَ فَرَحًا حِينَ يَتَبَيَّنُ فِيهَا جَمَالًا دَاخِلِيًّا.‏ وَفِي أَغْلَبِ ٱلْأَحْيَانِ،‏ لَا يَعِي ٱلشَّخْصُ ٱلَّذِي يُوهَبُ جَمَالًا خَارِجِيًّا حَاجَتَهُ إِلَى تَنْمِيَةِ صِفَاتٍ كَٱلْفِطْنَةِ وَٱلْحِكْمَةِ وَٱلشَّجَاعَةِ وَٱلْإِيمَانِ.‏ غَيْرَ أَنَّ هٰذِهِ ٱلْحَقِيقَةَ لَا تَنْطَبِقُ عَلَى أَبِيجَايِلَ.‏ فَٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ يُشِيدُ بِفِطْنَتِهَا وَبِجَمَالِهَا أَيْضًا.‏ —‏ اقرأ ١ صموئيل ٢٥:‏٣‏.‏

٦ وَلٰكِنْ رُبَّ سَائِلٍ يَقُولُ:‏ ‹لِمَاذَا تَزَوَّجَتْ هٰذِهِ ٱلشَّابَّةُ ٱلذَّكِيَّةُ رَجُلًا لَا خَيْرَ فِيهِ كَنَابَالَ؟‏›.‏ لَا يَغِبْ عَنْ بَالِكَ أَنَّ مُعْظَمَ ٱلزِّيجَاتِ فِي أَزْمِنَةِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ كَانَتْ مُدَبَّرَةً.‏ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ كَذٰلِكَ،‏ تَبْقَى مُوَافَقَةُ ٱلْوَالِدِينَ عَلَى جَانِبٍ كَبِيرٍ جِدًّا مِنَ ٱلْأَهَمِّيَّةِ.‏ فَهَلْ أَيَّدَ وَالِدَا أَبِيجَايِلَ هٰذَا ٱلزَّوَاجَ،‏ أَوْ رُبَّمَا دَبَّرَاهُ،‏ لِأَنَّهُمَا أُخِذَا بِثَرْوَةِ نَابَالَ وَمَكَانَتِهِ ٱلْبَارِزَةِ؟‏ هَلْ قَبِلَا بِهِ تَحْتَ وَطْأَةِ ٱلْفَقْرِ؟‏ مَهْمَا يَكُنِ ٱلْأَمْرُ،‏ لَمْ يُجَمِّلِ ٱلْمَالُ شَخْصِيَّةَ نَابَالَ وَيَجْعَلْ مِنْهُ زَوْجًا مُنَاسِبًا.‏

٧ ‏(‏أ)‏ مَاذَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَجَنَّبَ ٱلْوَالِدُونَ ٱلَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَمْتَلِكَ أَوْلَادُهُمْ نَظْرَةً سَلِيمَةً إِلَى ٱلزَّوَاجِ؟‏ (‏ب)‏ عَلَامَ كَانَتْ أَبِيجَايِلُ مُصَمِّمَةً؟‏

٧ يَحْرِصُ ٱلْوَالِدُونَ ٱلْحُكَمَاءُ عَلَى تَعْلِيمِ أَوْلَادِهِمْ أَنْ يَمْتَلِكُوا نَظْرَةً سَلِيمَةً إِلَى ٱلزَّوَاجِ.‏ فَهُمْ لَا يَدْفَعُونَهُمْ إِلَى ٱتِّخَاذِ هٰذِهِ ٱلْخُطْوَةِ طَمَعًا بِٱلْمَالِ،‏ وَلَا يُشَجِّعُونَهُمْ عَلَى ٱلْمُوَاعَدَةِ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحُوا نَاضِجِينَ وَمُؤَهَّلِينَ لِتَحَمُّلِ مَسْؤُولِيَّاتِ ٱلزَّوَاجِ.‏ (‏١ كو ٧:‏٣٦‏)‏ وَلٰكِنْ فِي حَالَةِ أَبِيجَايِلَ،‏ كَانَ ٱلْأَوَانُ قَدْ فَاتَ لِتُعِيدَ ٱلنَّظَرَ فِي قَرَارِهَا.‏ فَهِيَ تَزَوَّجَتْ مِنْ نَابَالَ لِسَبَبٍ مَا وَكَانَتْ مُصَمِّمَةً عَلَى ٱلتَّأَقْلُمِ مَعَ وَضْعِهَا ٱلصَّعْبِ قَدْرَ ٱسْتِطَاعَتِهَا.‏

‏«ثَارَ عَلَيْهِمْ وَٱنْتَهَرَهُمْ»‏

٨ مَنْ ذَا ٱلَّذِي أَهَانَهُ نَابَالُ،‏ وَلِمَ كَانَ تَصَرُّفُهُ فِي غَايَةِ ٱلْحَمَاقَةِ؟‏

٨ فَوْقَ هٰذِهِ ٱلْعِيشَةِ ٱلْمُرَّةِ،‏ وَضَعَ نَابَالُ أَبِيجَايِلَ فِي مَوْقِفٍ لَا تُحْسَدُ عَلَيْهِ.‏ فَٱلرَّجُلُ ٱلَّذِي أَهَانَهُ زَوْجُهَا لَمْ يَكُنْ سِوَى دَاوُدَ،‏ خَادِمِ يَهْوَهَ ٱلْأَمِينِ ٱلَّذِي مَسَحَهُ ٱلنَّبِيُّ صَمُوئِيلُ بِٱعْتِبَارِهِ ٱلشَّخْصَ ٱلَّذِي ٱخْتَارَهُ ٱللهُ مَلِكًا خَلِيفَةً لِشَاوُلَ.‏ (‏١ صم ١٦:‏​١،‏ ٢،‏ ١١-‏١٣‏)‏ وَقَدْ كَانَ آنَذَاكَ يُقِيمُ فِي ٱلْبَرِّيَّةِ مَعَ مُحَارِبِيهِ ٱلْأَوْلِيَاءِ ٱلـ‍ ٦٠٠،‏ هَارِبًا مِنَ ٱلْمَلِكِ شَاوُلَ ٱلْحَسُودِ ٱلَّذِي سَعَى إِلَى قَتْلِهِ.‏

٩،‏ ١٠ ‏(‏أ)‏ فِي أَيَّةِ ظُرُوفٍ نَاضَلَ دَاوُدُ وَرِجَالُهُ لِلْبَقَاءِ عَلَى قَيْدِ ٱلْحَيَاةِ؟‏ (‏ب)‏ لِمَ كَانَ مِنَ ٱلْمُفْتَرَضِ أَنْ يُقَدِّرَ نَابَالُ مَعْرُوفَ دَاوُدَ وَرِجَالِهِ؟‏ (‏اُنْظُرْ أَيْضًا حَاشِيَةَ ٱلْفِقْرَةِ ١٠.‏)‏

٩ عَاشَ نَابَالُ فِي مَدِينَةِ مَعُونَ وَعَمِلَ فِي ٱلْكَرْمَلِ * ٱلْمُجَاوِرَةِ حَيْثُ ٱمْتَلَكَ أَرْضًا عَلَى ٱلْأَرْجَحِ.‏ كَانَتْ هَاتَانِ ٱلْمَدِينَتَانِ تَقَعَانِ وَسْطَ مُرْتَفَعَاتٍ خَضْرَاءَ خِصْبَةٍ مُنَاسِبَةٍ لِتَرْبِيَةِ ٱلْغَنَمِ ٱلَّتِي ٱقْتَنَى نَابَالُ ٣٬٠٠٠ مِنْهَا.‏ أَمَّا ٱلْأَرَاضِي ٱلْمُحِيطَةُ بِهِمَا فَكَانَتْ مُقْفِرَةً.‏ فَإِلَى ٱلْجَنُوبِ تَقَعُ بَرِّيَّةُ فَارَانَ ٱلشَّاسِعَةُ.‏ وَإِلَى ٱلشَّرْقِ،‏ يَمْتَدُّ ٱلطَّرِيقُ ٱلْمُؤَدِّي إِلَى بَحْرِ ٱلْمِلْحِ فِي أَرَاضٍ قَاحِلَةٍ تَكْثُرُ فِيهَا ٱلْمَغَاوِرُ وَٱلْوِدْيَانُ ٱلصَّغِيرَةُ.‏ فِي هٰذِهِ ٱلْمَنَاطِقِ،‏ نَاضَلَ دَاوُدُ وَرِجَالُهُ لِلْبَقَاءِ عَلَى قَيْدِ ٱلْحَيَاةِ.‏ فَكَانُوا حَتْمًا يَكُدُّونَ فِي ٱلْبَحْثِ عَنِ ٱلطَّعَامِ وَيَتَحَمَّلُونَ شَتَّى ٱلْمَصَاعِبِ.‏ وَلَا بُدَّ أَنَّهُمْ كَانُوا يَلْتَقُونَ رُعْيَانَ نَابَالَ ٱلْغَنِيِّ.‏

١٠ وَكَيْفَ عَامَلُوا هٰؤْلَاءِ ٱلرُّعْيَانَ؟‏ لَمْ يَكُنْ صَعْبًا أَنْ يَسْرِقُوا مِنْهُمْ شَاةً بَيْنَ ٱلْفَيْنَةِ وَٱلْأُخْرَى،‏ غَيْرَ أَنَّهُمْ لَمْ يَفْعَلُوا شَيْئًا مِنْ هٰذَا ٱلْقَبِيلِ.‏ بِٱلْأَحْرَى،‏ كَانُوا أَشْبَهَ بِسُورٍ حَمَى غَنَمَ نَابَالَ وَخُدَّامَهُ.‏ ‏(‏اقرأ ١ صموئيل ٢٥:‏​١٥،‏ ١٦‏.‏‏)‏ فَٱلرُّعَاةُ وَقُطْعَانُهُمْ تَعَرَّضُوا آنَذَاكَ لِمَخَاطِرَ جَمَّةٍ،‏ سَوَاءٌ مِنَ ٱلْحَيَوَانَاتِ ٱلضَّارِيَةِ ٱلَّتِي زَخَرَتْ بِهَا ٱلْمِنْطَقَةُ،‏ أَوْ مِنَ ٱلْهَجَمَاتِ ٱلْمُتَكَرِّرَةِ ٱلَّتِي شَنَّهَا ٱلْغُزَاةُ وَٱللُّصُوصُ ٱلْغُرَبَاءُ ٱلَّذِينَ كَانُوا يَدْخُلُونَ إِسْرَائِيلَ مِنْ حُدُودِهَا ٱلْجَنُوبِيَّةِ ٱلْقَرِيبَةِ جِدًّا.‏ *

١١،‏ ١٢ ‏(‏أ)‏ كَيْفَ أَعْرَبَ دَاوُدُ عَنِ ٱللَّبَاقَةِ وَٱلِٱحْتِرَامِ فِي تَعَامُلِهِ مَعَ نَابَالَ؟‏ (‏ب)‏ مَا ٱلْخَطَأُ فِي رَدَّةِ فِعْلِ نَابَالَ؟‏

١١ طَبْعًا،‏ لَمْ يَكُنْ سَهْلًا أَلْبَتَّةَ أَنْ يُؤَمِّنَ دَاوُدُ فِي ٱلْبَرِّيَّةِ طَعَامًا لِكُلِّ رِجَالِهِ.‏ لِذَا أَرْسَلَ ذَاتَ يَوْمٍ عَشَرَةَ رُسُلٍ إِلَى نَابَالَ طَلَبًا لِلْمُسَاعَدَةِ.‏ وَٱخْتَارَ بِحِكْمَةٍ أَنْ يَلْتَمِسَ طَلَبَهُ هٰذَا فِي مَوْسِمِ جَزِّ ٱلْغَنَمِ ٱلَّذِي كَانَ مُنَاسَبَةً مُبْهِجَةً ٱعْتَادَ ٱلنَّاسُ خِلَالَهَا أَنْ يُقِيمُوا ٱلْوَلَائِمَ وَيُجْزِلُوا ٱلْعَطَاءَ.‏ كَمَا حَرِصَ عَلَى ٱنْتِقَاءِ كَلِمَاتِهِ،‏ مُسْتَخْدِمًا تَعَابِيرَ لَطِيفَةً وَأُسْلُوبًا مُهَذَّبًا فِي ٱلْمُخَاطَبَةِ.‏ حَتَّى إِنَّهُ أَشَارَ إِلَى نَفْسِهِ بِٱلتَّعْبِيرِ «ٱبْنِكَ دَاوُدَ»،‏ رُبَّمَا ٱحْتِرَامًا لِهٰذَا ٱلرَّجُلِ ٱلْأَكْبَرِ سِنًّا.‏ وَلٰكِنْ كَيْفَ أَجَابَ نَابَالُ ٱلرُّسُلَ ٱلْعَشَرَةَ؟‏ —‏ ١ صم ٢٥:‏​٥-‏٨‏.‏

١٢ لَقَدِ ٱحْتَدَمَ غَيْظُهُ «فَثَارَ عَلَيْهِمْ وَٱنْتَهَرَهُمْ»،‏ حَسْبَمَا ذَكَرَ ٱلْفَتَى ٱلَّذِي لَجَأَ إِلَى أَبِيجَايِلَ،‏ كَمَا يَرِدُ فِي مُسْتَهَلِّ ٱلْفَصْلِ.‏ وَعَبَّرَ عَنِ ٱمْتِعَاضِهِ مِنْ طَلَبِهِمْ وَتَبَاخَلَ عَلَيْهِمْ بِخُبْزِهِ وَمَائِهِ وَذَبِيحِهِ.‏ وَٱسْتَهْزَأَ أَيْضًا بِدَاوُدَ وَحَقَّرَهُ وَاصِفًا إِيَّاهُ بِٱلْخَادِمِ ٱلْهَارِبِ.‏ وَلَعَلَّ نَظْرَتَهُ هٰذِهِ شَبِيهَةٌ بِنَظْرَةِ شَاوُلَ ٱلَّذِي أَبْغَضَ دَاوُدَ.‏ فَكِلَاهُمَا لَمْ يَمْتَلِكْ نَظْرَةَ يَهْوَهَ ٱلَّذِي أَحَبَّ دَاوُدَ وَرَأَى فِيهِ مَلِكًا عَلَى إِسْرَائِيلَ،‏ لَا عَبْدًا مُتَمَرِّدًا.‏ —‏ ١ صم ٢٥:‏​١٠،‏ ١١،‏ ١٤‏.‏

١٣ ‏(‏أ)‏ كَيْفَ نَوَى دَاوُدُ فِي ٱلْبِدَايَةِ ٱلرَّدَّ عَلَى إِهَانَةِ نَابَالَ؟‏ (‏ب)‏ مَا عَلَاقَةُ ٱلْمَبْدَإِ فِي يَعْقُوب ١:‏٢٠ بِرَدِّ فِعْلِ دَاوُدَ؟‏

١٣ عِنْدَمَا عَادَ ٱلرُّسُلُ وَأَخْبَرُوا دَاوُدَ بِمَا حَصَلَ،‏ ٱسْتَشَاطَ غَضَبًا وَأَمَرَ رِجَالَهُ قَائِلًا:‏ «لِيَتَقَلَّدْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ سَيْفَهُ».‏ ثُمَّ تَقَلَّدَ هُوَ أَيْضًا سَيْفَهُ وَتَوَجَّهَ مَعَ ٤٠٠ مِنْ رِجَالِهِ إِلَى بَيْتِ نَابَالَ،‏ مُتَعَهِّدًا أَنْ يَقْضِيَ عَلَى كُلِّ ٱلذُّكُورِ فِيهِ.‏ (‏١ صم ٢٥:‏​١٢،‏ ١٣،‏ ٢١،‏ ٢٢‏)‏ صَحِيحٌ أَنَّ سُخْطَ دَاوُدَ كَانَ مُبَرَّرًا،‏ غَيْرَ أَنَّ طَرِيقَتَهُ فِي ٱلتَّعْبِيرِ عَنْهُ خَاطِئَةٌ.‏ فَٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ يَقُولُ:‏ «سُخْطُ ٱلْإِنْسَانِ لَا يُنْتِجُ بِرَّ ٱللهِ».‏ (‏يع ١:‏٢٠‏)‏ وَلٰكِنْ كَيْفَ ٱسْتَطَاعَتْ أَبِيجَايِلُ أَنْ تُنْقِذَ أَهْلَ بَيْتِهَا؟‏

‏«مُبَارَكَةٌ رَجَاحَةُ عَقْلِكِ»‏

١٤ ‏(‏أ)‏ لِمَ يُمْكِنُ ٱلْقَوْلُ إِنَّ أَبِيجَايِلَ ٱتَّخَذَتِ ٱلْخُطْوَةَ ٱلْأُولَى لِتَقْوِيمِ خَطَإِ نَابَالَ ٱلْفَادِحِ؟‏ (‏ب)‏ مَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنَ ٱلِٱخْتِلَافِ ٱلْكَبِيرِ بَيْنَ نَابَالَ وَأَبِيجَايِلَ؟‏ (‏اُنْظُرْ أَيْضًا ٱلْحَاشِيَةَ.‏)‏

١٤ يُمْكِنُ ٱلْقَوْلُ إِنَّ أَبِيجَايِلَ ٱتَّخَذَتِ ٱلْخُطْوَةَ ٱلْأُولَى لِتَقْوِيمِ هٰذَا ٱلْخَطَإِ ٱلْفَادِحِ.‏ فَقَدْ أَظْهَرَتِ ٱسْتِعْدَادًا لِلْإِصْغَاءِ بِخِلَافِ زَوْجِهَا ٱلَّذِي وَصَفَهُ ٱلْفَتَى بِأَنَّهُ «رَجُلٌ لَا خَيْرَ فِيهِ وَلَا يُمْكِنُ ٱلْكَلَامُ مَعَهُ».‏ * (‏١ صم ٢٥:‏١٧‏)‏ فَنَابَالُ كَانَ يَرْفُضُ ٱلْإِصْغَاءَ إِلَى ٱلْآخَرِينَ بِسَبَبِ ٱعْتِدَادِهِ بِنَفْسِهِ،‏ صِفَةٌ يَتَطَبَّعُ بِهَا كَثِيرُونَ حَتَّى أَيَّامِنَا هٰذِهِ.‏ غَيْرَ أَنَّ أَبِيجَايِلَ كَانَتْ بَعِيدَةً كُلَّ ٱلْبُعْدِ عَنْ ذٰلِكَ،‏ ٱلْأَمْرُ ٱلَّذِي دَفَعَ ٱلْفَتَى ٱلْخَادِمَ دُونَ شَكٍّ إِلَى ٱلِٱسْتِنْجَادِ بِهَا.‏

أَظْهَرَتْ أَبِيجَايِلُ ٱسْتِعْدَادًا لِلْإِصْغَاءِ إِلَى ٱلْآخَرِينَ بِخِلَافِ زَوْجِهَا نَابَالَ

١٥،‏ ١٦ ‏(‏أ)‏ كَيْفَ أَظْهَرَتْ أَبِيجَايِلُ أَنَّهَا تُشْبِهُ ٱلزَّوْجَةَ ٱلْقَدِيرَةَ ٱلْمَوْصُوفَةَ فِي سِفْرِ ٱلْأَمْثَالِ؟‏ (‏ب)‏ لِمَاذَا لَا يُعْتَبَرُ تَصَرُّفُ أَبِيجَايِلَ تَمَرُّدًا عَلَى حَقِّ زَوْجِهَا فِي ٱلرِّئَاسَةِ؟‏

١٥ فَكَّرَتْ أَبِيجَايِلُ بِسُرْعَةٍ فِي حَلٍّ لِلْمُشْكِلَةِ وَلَمْ تَتَوَانَ عَنْ تَنْفِيذِهِ.‏ يَقُولُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ:‏ «أَسْرَعَتْ أَبِيجَايِلُ».‏ وَٱللَّافِتُ أَنَّ ٱلْفِعْلَ ‹أَسْرَعَ› يَرِدُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ عِنْدَ ٱلْحَدِيثِ عَنْهَا فِي هٰذِهِ ٱلرِّوَايَةِ.‏ فَقَدْ أَسْرَعَتْ وَأَعَدَّتْ هَدِيَّةً سَخِيَّةً لِدَاوُدَ وَرِجَالِهِ:‏ أَرْغِفَةَ خُبْزٍ وَخَمْرًا وَخِرْفَانًا وَحَبًّا مَشْوِيًّا وَأَقْرَاصًا مِنَ ٱلزَّبِيبِ وَقَوَالِبَ مِنَ ٱلتِّينِ.‏ فَمِنَ ٱلْوَاضِحِ أَنَّهَا كَانَتْ تَعْرِفُ جَيِّدًا مَا لَدَيْهَا مِنْ مُؤَنٍ وَتَقُومُ بِوَاجِبَاتِهَا ٱلْمَنْزِلِيَّةِ عَلَى أَكْمَلِ وَجْهٍ،‏ مَثَلُهَا مَثَلُ ٱلزَّوْجَةِ ٱلْقَدِيرَةِ ٱلْمَوْصُوفَةِ لَاحِقًا فِي سِفْرِ ٱلْأَمْثَالِ.‏ (‏ام ٣١:‏​١٠-‏٣١‏)‏ بَعْدَ ذٰلِكَ،‏ أَرْسَلَتْ مُؤَنَ ٱلطَّعَامِ مَعَ بَعْضِ خُدَّامِهَا ثُمَّ تَبِعَتْهُمْ وَحْدَهَا.‏ لٰكِنَّهَا «لَمْ تُخْبِرْ زَوْجَهَا نَابَالَ»،‏ وَفْقًا لِلرِّوَايَةِ.‏ —‏ ١ صم ٢٥:‏​١٨،‏ ١٩‏.‏

١٦ فَهَلْ يَعْنِي ذٰلِكَ أَنَّهَا كَانَتْ تَتَمَرَّدُ عَلَى حَقِّهِ فِي ٱلرِّئَاسَةِ؟‏ كَلَّا.‏ لَا نَنْسَ أَنَّ نَابَالَ ٱرْتَكَبَ شَرًّا ضِدَّ خَادِمٍ مَسَحَهُ يَهْوَهُ،‏ تَصَرُّفٌ كَانَ سَيُودِي بِحَيَاةِ ٱلْعَدِيدِ مِنْ أَفْرَادِ بَيْتِ نَابَالَ ٱلْأَبْرِيَاءِ.‏ وَلَوْ لَمْ تَتَدَخَّلْ أَبِيجَايِلُ،‏ لَٱعْتُبِرَتْ رُبَّمَا شَرِيكَةً فِي ذَنْبِ زَوْجِهَا.‏ لِذَا وَجَبَ عَلَيْهَا فِي هٰذِهِ ٱلْحَالِ أَنْ تُعْطِيَ خُضُوعَهَا لِلهِ ٱلْأَوْلَوِيَّةَ عَلَى خُضُوعِهَا لِزَوْجِهَا.‏

١٧،‏ ١٨ كَيْفَ تَصَرَّفَتْ أَبِيجَايِلُ حَالَمَا أَبْصَرَتْ دَاوُدَ،‏ مَاذَا قَالَتْ،‏ وَلِمَ كَانَ لِكَلِمَاتِهَا أَثَرٌ بَالِغٌ؟‏

١٧ حَالَمَا ٱلْتَقَتْ أَبِيجَايِلُ دَاوُدَ وَرِجَالَهُ،‏ أَسْرَعَتْ مَرَّةً ثَانِيَةً وَنَزَلَتْ عَنْ حِمَارِهَا وَتَذَلَّلَتْ لِدَاوُدَ.‏ (‏١ صم ٢٥:‏​٢٠،‏ ٢٣‏)‏ ثُمَّ عَبَّرَتْ لَهُ مُطَوَّلًا عَنْ مَشَاعِرَ صَادِقَةٍ،‏ مُتَوَسِّلَةً إِلَيْهِ بِحَرَارَةٍ أَنْ يَصْفَحَ عَنْ زَوْجِهَا وَبَيْتِهَا.‏ وَمَا ٱلَّذِي جَعَلَ كَلِمَاتِهَا بَالِغَةَ ٱلْأَثَرِ؟‏

‏«لِتَتَكَلَّمْ أَمَتُكَ فِي أُذُنَيْكَ»‏

١٨ لَقَدْ تَحَمَّلَتْ مَسْؤُولِيَّةَ مَا حَدَثَ وَنَاشَدَتْهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهَا شَخْصِيًّا.‏ وَقَالَتْ بِصَرِيحِ ٱلْعِبَارَةِ إِنَّ زَوْجَهَا غَبِيٌّ مِثْلُ ٱسْمِهِ،‏ وَرُبَّمَا قَصَدَتْ بِذٰلِكَ أَنَّ دَاوُدَ أَسْمَى مِنْ أَنْ يُلَطِّخَ يَدَيْهِ بِرَجُلٍ كَهٰذَا.‏ وَعَبَّرَتْ أَيْضًا عَنْ ثِقَتِهَا بِهِ بِوَصْفِهِ مُمَثِّلَ يَهْوَهَ،‏ مُدْرِكَةً أَنَّهُ «يُحَارِبُ حُرُوبَ يَهْوَهَ».‏ كَمَا بَيَّنَتْ أَنَّهَا عَلَى عِلْمٍ بِوَعْدِ ٱللهِ أَنْ يُوَلِّيَهُ ٱلْمُلْكَ.‏ فَقَدْ قَالَتْ:‏ «يُقِيمُكَ يَهْوَهُ قَائِدًا عَلَى إِسْرَائِيلَ».‏ فَضْلًا عَنْ ذٰلِكَ،‏ حَثَّتْهُ أَلَّا يَتَّخِذَ أَيَّ خُطْوَةٍ قَدْ تَجْعَلُهُ مُذْنِبًا بِسَفْكِ ٱلدَّمِ،‏ أَوْ تُصْبِحُ لَاحِقًا «مَصْدَمَةً» لَهُ،‏ إِشَارَةً كَمَا يَتَّضِحُ إِلَى عَذَابِ ٱلضَّمِيرِ.‏ ‏(‏اقرأ ١ صموئيل ٢٥:‏​٢٤-‏٣١‏.‏‏)‏ فَمَا أَلْطَفَ هٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ وَمَا أَحْلَى وَقْعَهَا فِي ٱلنَّفْسِ!‏

١٩ كَيْفَ تَجَاوَبَ دَاوُدُ مَعَ أَبِيجَايِلَ،‏ وَلِمَ مَدَحَهَا؟‏

١٩ وَكَيْفَ تَجَاوَبَ دَاوُدُ مَعَ أَبِيجَايِلَ؟‏ قَبِلَ هَدِيَّتَهَا قَائِلًا:‏ «مُبَارَكٌ يَهْوَهُ إِلٰهُ إِسْرَائِيلَ ٱلَّذِي أَرْسَلَكِ ٱلْيَوْمَ لِلِقَائِي!‏ وَمُبَارَكَةٌ رَجَاحَةُ عَقْلِكِ،‏ وَمُبَارَكَةٌ أَنْتِ ٱلَّتِي مَنَعْتِنِي ٱلْيَوْمَ أَنْ أُذْنِبَ بِسَفْكِ ٱلدَّمِ».‏ فَقَدْ مَدَحَهَا عَلَى شَجَاعَتِهَا وَإِسْرَاعِهَا إِلَى لِقَائِهِ،‏ وَٱعْتَرَفَ أَنَّهَا مَنَعَتْهُ أَنْ يُذْنِبَ بِسَفْكِ ٱلدَّمِ.‏ ثُمَّ قَالَ لَهَا:‏ «اِصْعَدِي بِسَلَامٍ إِلَى بَيْتِكِ»،‏ وَأَرْدَفَ بِتَوَاضُعٍ:‏ «قَدْ سَمِعْتُ لِصَوْتِكِ».‏ —‏ ١ صم ٢٥:‏​٣٢-‏٣٥‏.‏

‏«هُوَذَا أَمَتُكَ»‏

٢٠،‏ ٢١ ‏(‏أ)‏ لِمَاذَا يُعْتَبَرُ ٱسْتِعْدَادُ أَبِيجَايِلَ لِلْعَوْدَةِ إِلَى زَوْجِهَا أَمْرًا جَدِيرًا بِٱلثَّنَاءِ؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ أَعْرَبَتْ أَبِيجَايِلُ عَنِ ٱلشَّجَاعَةِ وَٱلْفِطْنَةِ فِي ٱخْتِيَارِهَا ٱلْوَقْتَ ٱلْمُنَاسِبَ لِلتَّحَدُّثِ إِلَى نَابَالَ؟‏

٢٠ بَعْدَمَا مَضَتْ أَبِيجَايِلُ فِي سَبِيلِهَا،‏ لَا بُدَّ أَنَّهَا أَمْعَنَتِ ٱلتَّفْكِيرَ فِي هٰذَا ٱللِّقَاءِ وَلَاحَظَتِ ٱلْفَرْقَ بَيْنَ ذَاكَ ٱلرَّجُلِ ٱلْأَمِينِ ٱللَّطِيفِ وَزَوْجِهَا ٱلْفَظِّ ٱلْفَاقِدِ ٱلْحِسَّ.‏ غَيْرَ أَنَّهَا لَمْ تُطْلِقِ ٱلْعِنَانَ لِهٰذِهِ ٱلْأَفْكَارِ.‏ تَقُولُ ٱلرِّوَايَةُ:‏ «جَاءَتْ أَبِيجَايِلُ إِلَى نَابَالَ».‏ نَعَمْ،‏ عَادَتْ إِلَى رَجُلِهَا مُصَمِّمَةً كَٱلسَّابِقِ أَنْ تَبْذُلَ قُصَارَى جُهْدِهَا فِي إِتْمَامِ دَوْرِهَا كَزَوْجَةٍ.‏ وَكَانَ عَلَيْهَا أَنْ تُخْبِرَهُ عَنِ ٱلْهَدِيَّةِ ٱلَّتِي قَدَّمَتْهَا لِدَاوُدَ وَرِجَالِهِ،‏ فَمِنْ حَقِّهِ أَنْ يَعْرِفَ بِٱلْأَمْرِ.‏ كَمَا لَزِمَ أَنْ تُطْلِعَهُ عَلَى ٱلْخَطَرِ ٱلَّذِي كَانَ يَحُومُ حَوْلَهُ وَحَوْلَ بَيْتِهِ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ بِذٰلِكَ مِنْ شَخْصٍ آخَرَ وَتَلْحَقَ بِهِ مَهَانَةٌ كَبِيرَةٌ.‏ وَلٰكِنْ حِينَ وَصَلَتْ إِلَى ٱلْبَيْتِ،‏ لَمْ تُخْبِرْهُ فِي ٱلْحَالِ لِأَنَّهُ كَانَ يُقِيمُ وَلِيمَةً كَوَلِيمَةِ مَلِكٍ وَقَدْ أَسْرَفَ جِدًّا فِي ٱلشُّرْبِ.‏ —‏ ١ صم ٢٥:‏٣٦‏.‏

أَخْبَرَتْ أَبِيجَايِلُ زَوْجَهَا بِشَجَاعَةٍ كَيْفَ أَنْقَذَتْ حَيَاتَهُ

٢١ مَرَّةً أُخْرَى،‏ أَعْرَبَتْ أَبِيجَايِلُ عَنِ ٱلشَّجَاعَةِ وَٱلْفِطْنَةِ،‏ فَٱنْتَظَرَتْ إِلَى ٱلصَّبَاحِ ٱلتَّالِي حَتَّى يَفِيقَ نَابَالُ مِنْ سُكْرِهِ.‏ فَهُوَ سَيَسْتَوْعِبُ مَا فَعَلَتْهُ حِينَ يَكُونُ صَاحِيًا،‏ وَإِنْ كَانَتْ سَتَتَعَرَّضُ رُبَّمَا لِخَطَرٍ أَكْبَرَ بِسَبَبِ طِبَاعِهِ ٱلْحَادَّةِ.‏ رَغْمَ ذٰلِكَ،‏ ٱقْتَرَبَتْ مِنْهُ وَأَخْبَرَتْهُ بِٱلْقِصَّةِ كُلِّهَا.‏ وَلَا شَكَّ أَنَّهَا تَوَقَّعَتْ أَنْ تَثُورَ ثَائِرَتُهُ أَوْ يَقُومَ رُبَّمَا بِرَدِّ فِعْلٍ عَنِيفٍ،‏ فَإِذَا بِهِ يَبْقَى مَكَانَهُ دُونَ حَرَاكٍ.‏ —‏ ١ صم ٢٥:‏٣٧‏.‏

٢٢ مَاذَا أَلَمَّ بِنَابَالَ،‏ وَمِمَّ نَحْنُ عَلَى ثِقَةٍ بِشَأْنِ كُلِّ ٱلْمَظَالِمِ وَٱلْإِسَاءَاتِ ٱلَّتِي تُرْتَكَبُ ضِمْنَ ٱلْعَائِلَةِ؟‏

٢٢ فَمَاذَا أَلَمَّ بِنَابَالَ؟‏ «مَاتَ قَلْبُهُ فِي دَاخِلِهِ،‏ وَصَارَ كَٱلْحَجَرِ».‏ فَلَعَلَّهُ أُصِيبَ بِسَكْتَةٍ دِمَاغِيَّةٍ.‏ غَيْرَ أَنَّ نِهَايَتَهُ أَتَتْ بَعْدَ نَحْوِ عَشَرَةِ أَيَّامٍ،‏ وَلٰكِنْ لَيْسَ لِأَسْبَابٍ صِحِّيَّةٍ مَحْضٍ.‏ يَقُولُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ:‏ «ضَرَبَ يَهْوَهُ نَابَالَ فَمَاتَ».‏ (‏١ صم ٢٥:‏٣٨‏)‏ وَبِنَيْلِهِ هٰذَا ٱلْعِقَابَ ٱلْعَادِلَ،‏ زَالَ ٱلْكَابُوسُ ٱلَّذِي عَاشَتْهُ أَبِيجَايِلُ طَوَالَ فَتْرَةِ زَوَاجِهَا.‏ صَحِيحٌ أَنَّ يَهْوَهَ لَا يَتَدَخَّلُ ٱلْيَوْمَ وَيُنْزِلُ عِقَابًا عَجَائِبِيًّا،‏ لٰكِنَّ هٰذِهِ ٱلرِّوَايَةَ مُذَكِّرٌ رَائِعٌ لَنَا أَنَّ إِلٰهَنَا لَا يَغْفُلُ عَنْ أَيَّةِ مَظَالِمَ أَوْ إِسَاءَاتٍ تُرْتَكَبُ ضِمْنَ ٱلْعَائِلَةِ.‏ وَهُوَ سَيُجْرِي ٱلْعَدْلَ دَوْمًا فِي ٱلْوَقْتِ ٱلَّذِي يَرَاهُ مُنَاسِبًا.‏ —‏ اقرأ لوقا ٨:‏١٧‏.‏

٢٣ أَيُّ بَرَكَةٍ أُخْرَى نَالَتْهَا أَبِيجَايِلُ،‏ وَكَيْفَ تَبَيَّنَ أَنَّ هٰذِهِ ٱلْبَرَكَةَ لَمْ تُغَيِّرْ مَوْقِفَهَا ٱلْمُتَوَاضِعَ؟‏

٢٣ فَضْلًا عَنِ ٱلتَّحَرُّرِ مِنْ زَوَاجٍ غَيْرِ مُوَفَّقٍ،‏ كَانَ فِي ٱنْتِظَارِ أَبِيجَايِلَ بَرَكَةٌ أُخْرَى.‏ فَبَعْدَمَا عَلِمَ دَاوُدُ بِمَوْتِ نَابَالَ،‏ بَعَثَ إِلَيْهَا رُسُلًا وَطَلَبَهَا لِلزَّوَاجِ.‏ فَمَا كَانَ مِنْهَا إِلَّا أَنْ أَجَابَتْ:‏ «هُوَذَا أَمَتُكَ جَارِيَةٌ لِغَسْلِ أَقْدَامِ خُدَّامِ سَيِّدِي».‏ مِنَ ٱلْوَاضِحِ أَنَّ فُرْصَةَ ٱلزَّوَاجِ بِدَاوُدَ لَمْ تُغَيِّرْ مَوْقِفَهَا ٱلْمُتَوَاضِعَ،‏ فَهِيَ أَبْدَتِ ٱسْتِعْدَادَهَا أَنْ تَكُونَ جَارِيَةً لِخُدَّامِهِ.‏ وَتُتَابِعُ ٱلرِّوَايَةُ لِتُخْبِرَنَا مُجَدَّدًا أَنَّهَا أَسْرَعَتْ وَلٰكِنْ هٰذِهِ ٱلْمَرَّةَ كَيْ تُهَيِّئَ نَفْسَهَا لِلذَّهَابِ إِلَى دَاوُدَ.‏ —‏ ١ صم ٢٥:‏​٣٩-‏٤٢‏.‏

٢٤ أَيَّةُ تَحَدِّيَاتٍ وَاجَهَتْهَا أَبِيجَايِلُ فِي حَيَاتِهَا ٱلْجَدِيدَةِ،‏ وَكَيْفَ نَظَرَ إِلَيْهَا زَوْجُهَا وَإِلٰهُهَا يَهْوَهُ؟‏

٢٤ طَبْعًا،‏ لَا يَعْنِي ذٰلِكَ أَنَّ حَيَاتَهَا مَعَ دَاوُدَ كَانَتْ دَوْمًا مَفْرُوشَةً بِٱلْوُرُودِ.‏ فَهُوَ مُتَزَوِّجٌ مِنِ ٱمْرَأَةٍ أُخْرَى تُدْعَى أَخِينُوعَمَ.‏ صَحِيحٌ أَنَّ يَهْوَهَ سَمَحَ بِتَعَدُّدِ ٱلزَّوْجَاتِ،‏ إِلَّا أَنَّ هٰذَا ٱلْوَضْعَ شَكَّلَ تَحَدِّيًا كَبِيرًا لِلنِّسَاءِ ٱلْأَمِينَاتِ فِي ذٰلِكَ ٱلْوَقْتِ.‏ هٰذَا وَإِنَّ دَاوُدَ لَمْ يَكُنْ قَدْ تُوِّجَ مَلِكًا بَعْدُ،‏ فَقَدْ كَانَ سَيُذَلِّلُ ٱلْكَثِيرَ مِنَ ٱلْعَقَبَاتِ وَٱلصُّعُوبَاتِ قَبْلَ أَنْ يَخْدُمَ يَهْوَهَ فِي هٰذَا ٱلْمَنْصِبِ.‏ لٰكِنَّ أَبِيجَايِلَ سَاعَدَتْهُ وَدَعَمَتْهُ فِي ٱلسَّرَّاءِ وَٱلضَّرَّاءِ،‏ وَأَنْجَبَتْ لَهُ وَلَدًا بِمُرُورِ ٱلْوَقْتِ.‏ وَخِلَالَ مِشْوَارِ حَيَاتِهِمَا،‏ أَدْرَكَتْ أَنَّهَا تَحْظَى بِرَجُلٍ يُقَدِّرُهَا وَيَحْمِيهَا.‏ حَتَّى إِنَّهُ أَنْقَذَهَا فِي إِحْدَى ٱلْمُنَاسَبَاتِ مِنْ يَدِ ٱلْخَاطِفِينَ.‏ (‏١ صم ٣٠:‏​١-‏١٩‏)‏ وَهٰكَذَا ٱقْتَدَى دَاوُدُ بِيَهْوَهَ،‏ ٱلْإِلٰهِ ٱلَّذِي يُحِبُّ وَيُقَدِّرُ ٱلنِّسَاءَ ٱلْفَطِنَاتِ ٱلشُّجَاعَاتِ ٱلْأَمِينَاتِ كَأَبِيجَايِلَ.‏

^ ‎الفقرة 9‏ لَا يُقْصَدُ بِٱلْكَرْمَلِ هُنَا جَبَلُ ٱلْكَرْمَلِ ٱلشَّهِيرُ ٱلَّذِي شَهِدَ لَاحِقًا مُوَاجَهَةً حَاسِمَةً بَيْنَ ٱلنَّبِيِّ إِيلِيَّا وَأَنْبِيَاءِ ٱلْبَعْلِ.‏ (‏اُنْظُرِ ٱلْفَصْلَ ١٠‏.‏)‏ بَلْ هِيَ مَدِينَةٌ فِي ٱلْجَنُوبِ تَقَعُ عِنْدَ طَرَفِ بَرِّيَّةِ فَارَانَ.‏

^ ‎الفقرة 10‏ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ،‏ شَعَرَ دَاوُدُ أَنَّ حِمَايَةَ أَصْحَابِ ٱلْأَرَاضِي ٱلْمَحَلِّيِّينَ وَقُطْعَانِهِمْ هِيَ خِدْمَةٌ لِيَهْوَهَ ٱللهِ.‏ فَفِي تِلْكَ ٱلْأَيَّامِ،‏ كَانَ ٱلْمُتَحَدِّرُونَ مِنْ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ يَسْكُنُونَ تِلْكَ ٱلْأَرَاضِيَ إِتْمَامًا لِقَصْدِ يَهْوَهَ.‏ لِذَا ٱعْتُبِرَتْ حِمَايَتُهَا مِنْ فِرَقِ ٱلْغُزَاةِ وَٱلنَّاهِبِينَ ٱلْغُرَبَاءِ شَكْلًا مِنْ أَشْكَالِ ٱلْخِدْمَةِ ٱلْمُقَدَّسَةِ.‏

^ ‎الفقرة 14‏ إِنَّ عِبَارَةَ «رَجُلٌ لَا خَيْرَ فِيهِ» تَعْنِي حَرْفِيًّا «ٱبْنَ بَلِيعَالَ [ٱلْبُطْلِ]».‏ وَبِحَسَبِ بَعْضِ تَرْجَمَاتِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ بِلُغَاتٍ أُخْرَى،‏ يُوصَفُ نَابَالُ هُنَا بِأَنَّهُ «لَا يُصْغِي إِلَى أَحَدٍ»،‏ وَخُلَاصَةُ ٱلْقَوْلِ هِيَ:‏ «عَبَثًا ٱلتَّكَلُّمُ مَعَهُ».‏